اذهبوا للجحيم
شعر: أديب كمال الدين
1.
كانَ بإمكاني أنْ أروضَ
شيئاً من جمهرةِ الحروف
لأعلنَ أن الكأسَ
كأسي.
لكنّ الدورَ كانَ صعباً حدّ الطوفان
والجسد ضعيفاً كان.
2.
كانَ الدورُ صعباً
إذ كانَ دوري هو دور أوديب
ودور هاملت
ودور الساحراتِ اللواتي قلنَ لماكبث
ما قلن ودور
المُهرّج ودور
المأمون ودور الرضا
ودور الذي حُمِلَ رأسُه فوقَ الرماح
ودور الذي صُلِبَ على جسرِ الكوفة
ثُمَّ ذرّ وسطَ
الفرات
ودور الذي صُلِبَ على بابِ بغداد
ورماه مريدوه بالورد.
كانَ دوري دور ابن المُقفّع،
والتوحيدي،
والشريف الرضي
ودور مالك بن الريب
وصولاً إلى السيّاب.
3.
أيُّ دور، إذن، هوذا؟
بل أيّة مسرحيّةٍ ينبغي أنْ أقومَ
ببطولتها؟
مَن هو المخرج، هنا، أيّها
الأصدقاء؟ مَن
سيضعُ لنا الموسيقى التصويريّة
لنرى دمَ
أوديب يتدفّقُ من بين عينيه؟
مَن سيصمّمُ الملابسَ للساحرات
وماكبث، والمهرّجِ،
والشريف الرضيّ؟
مَن سينصبُ لنا خشبةً لصلبِ
الحلّاج؟ مَن
سيشعلُ التنّورَ لنرمي فيه ابن المقفّع؟
ومَن سيقودُ السيّاب في الشارع
وقد خذله جسدهُ الضعيف؟
نعم، أيّها الأصدقاء
كانَ الدورُ صعباً
والجسد ضعيفاً كان.
4 .
لكنّه دوري الأثير
دوري الذي أُرغِمْتُ على فعله،
على فعلِ كل
تفاصيله.
أي دورٍ،
إذن، هوذا؟
أيّة
مسرحيّةٍ هي ذي أيّها الاصدقاء؟
مَن هو المخرجُ الذي سيقودُ كل هذا
الخراب
دونَ أنْ
تشعروا بالملل؟
انتبهوا أيّها الاصدقاء،
كفّوا عن التلفّت والتدخين،
كفّوا عن الكلام،
كفّوا رجاءً.
فلقد بدأت المسرحيّةُ فعلاً.
ها هي الستارة تُسْحَبُ بهدوء
والمسرحُ خالٍ وخالٍ وخال،
المسرحُ مظلمٌ مظلمٌ مظلم.
وليسَ هناك مَن يبدّدُ هذه الظلمة
المُرعبة إلّاي.
صفّقوا أيّها الأصدقاء،
صفّقوا قليلاً قليلاً،
صفّقوا كثيراً كثيراً
إنَني أنحني أمامكم.
صفّقوا
آهٍ... صفّقوا.
فلقد انتهت المسرحيّة
دونَ أنْ
تشيرَ إلى شيء،
دونَ أنْ
تقولَ أيَّ شيء!
شكراً
إنّني أختفي.
باب الموتِ
رائعٌ بانتظاري
والأرضُ، أمّي الطيّبةُ، تريدُ
جسدي. والتاجُ،
رغم البريق، مزيّف
كمزحةٍ قالها المُهرّج.
والساحراتُ امتطين غيمةَ الحلم
عاريات تماماً
وطرن فوقَ الفرات
وفوقَ السؤال
وفوقَ الزمان
وفوقَ المُمثّلين الذين اختفوا
ماكبث الذي هو أنا
وأوديب وهاملت والشريف الرضيّ
والسيّاب.
كلُّ شيءٍ تبخّرَ في هدوءٍ عجيب.
صفّقوا أيّها الأصدقاء
صفّقوا.
إنّها ساعة الافتراق،
ساعة الرعب،
ساعة أنْ
نكونَ أو لا
نكون.
صفّقوا
ثُمَّ اذهبوا
للجحيم!
|