مَلَل
شعر:
أديب كمال الدين
1.
مَللتُ من النظرِ إلى الدبَبَة
وهي تأكلُ بشراهةٍ
من عطايا دبِّها الكبير
ومن القِرَدَة
وهي تتسلّقُ، كلّ يومٍ،
الأشجار
لترمي الثمار
وتملأ الهواءَ صراخاً
وزعيقاً.
مَللتُ من الكلاب
وهي تتشمّمُ الجُثث،
ومن الببغاوات
وهي تدهسُ الكلمات،
ومن الحمامة
وهي تتركنا، كلّ يوم، لنموت
وسطَ سفينةِ الحروف
بحثاً عن نوح وطوفانه العظيم.
2.
مَللتُ من الانتظارِ
واللاانتظار،
من الجدوى واللاجدوى،
من الصدقاتِ والخبزِ المغموسِ
بالدم،
من رائحةِ المعنى ورائحة
اللامعنى،
من الجنّةِ التي لا تجيء
ومن جهنّم التي تتعرّى كلّ
يوم
لتكشفَ عن ساقيها ونهديها،
لتكشفَ عن مفاتنها العارمة
وسطَ سيركِ العذابِ العظيم.
3.
مَللتُ من البكاءِ والصمت،
من الدمعِ والدمعِ الذي
تحجّر،
من الذين عبروا البرزخ
وباعوا ثيابنا،
ومن الذين أحاطوا بنا
وسرقوا حروفنا
في ابتهاجٍ عظيم.
4.
مَللتُ من البريدِ وصندوقِ
البريد،
من الأصدقاء الخونة
والأصدقاء الأجلاف
والأصدقاء اللصوص،
من الحرفِ وهو يتألّق
فلا يجد مَن يرى نوره،
ومن الحرفِ وهو يموت
فلا يجد مَن يقرأ عليه سورةَ
الفاتحة،
مَن يقرأ عليه سبعاً من
المثاني
والقرآن العظيم.
5.
مللتُ من الحربِ والسلام،
من المطاردةِ والاختباء،
من الفقرِ وشبحِ الفقر،
من الجوعِ ودبِّ الجوع،
من الجمرِ يُوضَعُ على اللسان
والملح يُوضَعُ في أساسِ
الجدار،
من سيقان الجواري
والمُخنّثين،
من أثداءِ العَوانس
وأكفِّ المُتسوّلين،
من زمنٍ يتفتّتُ رملاً وقشّاً
ورماداً.
مَللتُ منكَ أيّاً تكون
وأينما تكون
ومَللتُ مِنّي: أنا
الملول العظيم!
|