محاولة في دم النقطة
شعر: أديب كمال الدين
1.
خرجت النقطةُ من الباب.
كانتْ عسلاً أسْوَد
فتبعها كلُّ ذبابِ الزمن.
2.
كانت النقطةُ جوهرةً،
جوهرةً بحجمِ تفّاحةٍ كبيرة
حملها طفلٌ مدهوشٌ ببريقها
فتبعه كلُّ لصوصِ المدن.
3.
كانت النقطة ُحُلماً مليئاً
بالدفء الباذخ
خرجَ إليَّ ليعوّضني عن يُتمي
وهلْوَسَتي.
فتبعه كلُّ أنينِ القصائد
الحيّة والميّتة.
4.
كانت النقطةُ طفلةً / امرأة
خرجتْ إليَّ بثديين غامضين
وعينين مفتونتين
وشفتين ذاهلتين.
فتبعها كلُّ وحوشِ المعمورة.
5.
كانت النقطةُ نوراً يلفُّ
كلَّ شيء،
نوراً خرجَ لينيرَ سوادَ
طفولتي
فحاولَ قتله كلُّ ظلامِ
الأرض.
6.
كانت النقطةُ نقطتي
لكنْ حينَ لعبنا طفلين
مسحورين
على سريرِ اللذّة الأحمر،
تحوّلت النقطةُ إلى خرافة
ثُمَّ إلى هزأة
ثُمَّ إلى مُهرّج.
وحينَ عضّها الزمنُ بنابه
تحوّلتْ إلى سيركٍ عظيم
لا بداية له ولا نهاية.
7.
كانت النقطةُ كريمةً حدّ
الجنون.
(أذكرُ أنّها قرّرتْ حرقَ
نَفْسِها
إنْ تركتُها دونَ حرف).
لكنّي تركتُها كأيّ مجنون
لم يستطعْ أنْ يسيطرَ على
ضرباتِ قلبه
وهو يتلمّس صندوقَ الليراتِ
العظيم.
وحينَ تحوّلَ ندمي إلى أسطورة
لم أجدْ ما أحرق به نَفْسي
سوى حروفي الباردة.
8.
كانت النقطةُ تمسكُ الشمسَ
بيدٍ
وتمسكُ الحُلمَ بيدٍ أخرى.
وحينَ قبّلتُها قرّرتْ أنْ
تعطيني
ملعقةً من شمسِ العالم
وكأساً من حُلمِ السرير.
لكنّي إذ ذقتُ دفء الشمس
احترقتُ بزهوي،
وإذ لمستُ كأسَ السرير
جننتُ بشبابي.
فكيفَ يمكنني أنْ أكتبَ
قصيدتي
بعدَ أنْ سقطتْ منها الملعقةُ
والكأس؟
9.
كانت النقطةُ دمَ الجمال
دمَ المراهقة
دمَ اللذّة
دمَ السكاكين
دمَ الدموع
دمَ الخرافة
دمَ الطائر المذبوح.
كانت النقطةُ دمي
أنا تمثال الشمع.
|