خسارات
شعر:
أديب كمال الدين
1.
خساراتي لم تعدْ تُحْتَمَل
فأنا أخرجُ من خسارةٍ لأقعَ
في أخرى.
فأنا – على سبيلِ المثالِ –
متّ،
متُّ منذ زمنٍ طويل
وشبعتُ موتاً.
وحينَ قرّرتُ أنْ أقومَ من
موتي
لابساً الأخضر بدل الأسْوَد
وراكباً الغيمة بدل الدرّاجة
الهوائيّة
صُدِمتُ بفسادِ الغيمة
وتمزّقِ
ثيابها الداخليّة.
2.
خساراتي لم تعدْ تُحْتَمَل.
دخلتُ في النارِ واحترقتُ كما
ينبغي
وحينَ قمتُ من رمادي
وجمعتُ رمادي
وذرّيته في دمي كي لا أموت من
جديد،
صدمتُ حينَ عرفت
أنّ مَنْ ألقاني في النار:
أصدقائي الذين أعطيتُهم نورَ
الأخضر
وأحبّتي الذين منحتُهم شمسَ
الغيمة.
فارتبكتُ لأنّني لم أهيّئ
نَفْسي لدورِ الفادي
ولم أكنْ أتصوّر أنّ دورَ
يهوذا
سَيُعاد عرضه في
كلِّ
مكانٍ بنجاحٍ ساحق.
3.
خساراتي لم تعدْ تُحْتَمَل.
صرتُ أقلّبُ أسماءَ المدن
فأجدها مُتشابهةً كالموت،
وأقلّبُ أسماءَ الأزمنةِ
والأمطار
والجروحِ والصواعق والنساء
فأرتبكُ
لأنّ جسدي الذي قامَ
من موته عشرات المرّات
وقلبي الذي قاومَ العاصفةَ
والدمَ والذهب
بكيا أمامي كطفلين يتيمين،
واشتكيا لي من ضياعِ الحلم
بل صرخا من ضياعِ الحلم
وخرجا كمجنونين في الشوارع.
فما الذي سأفعله سوى أنْ
أعلن:
خساراتي لم تعدْ تُحْتَمل،
لم تعدْ، لم تعدْ تُحْتَمل.
ولذا سأعلنُ عن ترتيبِ
الأنهار
لأجعلها تذهب من الجنوبِ
إلى الشمال
لأخفّفَ من آلامي،
سأعيدُ ترتيبَ الغيوم
لأجعلها تسافر بالرسائل
البريديّة
لأخفّفَ من عُري طفولتي،
سأعيدُ ترتيبَ الدموعِ لتكون
أكثر غموضاً
حتّى أعالج حنينَ
منائري الذهبيّة
فلا يلحظ بكائي أحد
ولا يشمت فيَّ أحد.
|