محاولة في الحروف
شعر:
أديب كمال الدين
|
نون
***
سقطت النون
وتحوّلتْ إلى
عاشقٍ أبله
وامرأةٍ أذلَّها الدهر
فسلبَ منها طيورَها الأربعة
وشبابيكها الأربعة
وتاءَ لذّتِها التي ألقت القبض عليّ
بتهمةِ التلصّص.
باء
***
أنتِ لي،
أنتِ مائدتي التي هجمَ عليها الوحوشُ
المُهذّبون
فكسروا أقدامها الأربعة
وأكلوا ما عليها
حتّى أتوا على خشبِها الجميل
فهشّموهُ بسكاكينهم الطوال.
فلمْ يبقَ لي منكِ سوى النقطة:
نقطة الدم.
راء
***
الفراتُ مدينٌ لي بكثيرٍ من الاحترام
لأنني سفحتُ طفولتي بين يديه.
جيم
***
جيمُ الجنونِ والجوعِ والجنّ،
جيمُ الجثّةِ والجنسِ والجلجلة
أطلقتُكِ فخافَ منكِ الناقدُ الوصوليّ
والناشرُ اللصّ
وأحبّكِ القارئُ الذي لا تفارقُ الكوابيسُ
فراشه،
القارئُ الذي يمشي عارياً
آناءَ الليلِ وأطرافَ النهار
تماماً كقابيل وهابيل.
ألِف
***
كلّ يومٍ أطلقُ عليكَ النارَ ولا تموت.
أشفقُ عليكَ لأنّكَ قويّ كالثورِ المُجنّح
ووحيد كمرآةِ أعمى
وغامض كرأسٍ مقطوع
ووحشيّ كدبّابةٍ تسحقُ طفلاً
وضائع كحرفٍ لا نقطة فيه
وساذج كأنكيدو
وخاسر ككلكامش.
أشفقُ عليكَ لأنّكَ تشبهني تماماً،
لأنّكَ أنا!
حاء
***
مِن أجلكِ رضيتُ بالجوعِ غيمةً
والعزلةِ أرضاً وسوراً.
من أجلكِ افتتنتُ بالموت
وأطلقتُ الحروفَ في غرفتي
فطارتْ نسوراً وصقوراً،
عصافير وبلابل،
نحلات وحمامات
بُوماً وشواهين.
فارتبكتُ
لأنّ غرفتي ضيّقة
ولأنّ حرب الطيورِ بدتْ مليئةً بالرعب.
سين
***
قالت سكينةُ النور: ما للشعر والحروف؟
قلتُ: حتّى أرسم ملامحَ وجهي وصيحات قلبي
في
كتابٍ جديد.
قالتْ: عليكَ، إذن، بالسين
ففيها السكينة والسمّ والسكّين.
زاي
***
الزمنُ ذبابةٌ
لا تتركني أنام وقت القيلولة.
كاف
***
أمامَ قدميكِ مُلقى
بلّلني الدمعُ وطحنتني شمسُ آب.
فخذيني إليك،
خذيني فعلى الرماحِ حُمِلَ رأسي
وعلى الورقةِ البيضاءِ سُفِحَ شبابي
وفي التستّرِ أضحيتُ طفلاً أضاعَ أهله
وأمسيتُ صوفيّاً عمّده الشيطان.
خذيني يا مَن اختصصتِ بالكافِ وحدك،
خذيني إليك
فليسَ من العدل
أنْ أنام كلّ ليلة
ومعي نمرُ الحاجة
وغولُ العبث
وأسدُ الحرمان.
***************************
***
اللوحة للفنان صدر
الدين أمين
موقعه الالكتروني THE
PRIMITIVE
|