ارتباك الزاي
شعر:
أديب كمال الدين
1.
كانت الزاي ارتباكاً جديداً
بنقطتها التي تشيرُ إلى فوق.
فوق ماذا؟
فوق جبل؟
فوق لغم؟
فوق ظلماتٍ لا حدّ لها؟
فوق ماذا؟
فوق ركامِ كلماتٍ ضائعة
وأشباحٍ تجرُّ خيباتها؟
فوق ماذا؟
موسيقى فارغة كفؤاد أمّ موسى،
وجِنّ يبكون وليّهم الذي ماتَ
مصعوقاً برؤياه
وتركَ دمه يبلّل لحاهم
وثيابهم القصيرة؟
2.
كانت الزاي ارتباكاً جديداً
وأنا أقايضُ ارتباكاً بآخر،
أنا تاجر الارتباك،
أنا مُموّل
المُرتبكين الحالمين
بجهنّم باذخة خالدة.
3.
كانت الزاي واضحةً
وبسيطةً حدّ الارتباك،
ساذجةً كخربشاتِ طفل.
لكنّ نقطتها تشيرُ إلى فوق...
فوق ماذا؟
وجوه دونَ ملامح
ورؤوس أينعتْ وحانَ قطافها
اللذيذ.
فوق ماذا؟
فوق نساء ضائعات: عوانس
وأرامل
وساعات تنتظرُ غودو
الذي جلسَ في مقهى العدم
يدخنُ سكائره الرديئة
ويحلمُ، ويشتمُ، ويحلم.
يحلم بماذا؟
لكنّي رأيتُ الزاي ولمستُ
نقطتها
فخذاً مرسوماً على الجدار
وأكاذيب حقيقية
وأزمنة حميرٍ مُلوّنين
يغنّون:
يا للجمال،
يا للبهجة،
يا للذهول!
4.
هل الزاي نونٌ جديدة؟
ضحكتُ لطيبةِ سؤالي
فالقوافي واحدة
والمدن واحدة
لكنّ الحروف اختلفتْ باختلافِ
الأهلّة،
باختلافِ النقاط،
باختلافِ مجرّاتِ الدم.
5.
كانت الزاي مُدناً جديدة
بنساء تُركنَ في الممرّات
للزمنِ يأكلهنّ
ويحطّمُ أثداءهنّ.
تُركنَ للزمنِ يسحقُ أفخاذهنّ
بسيارته ذاتِ الدخان الأسْوَد
وهنّ يُولْوِلْنَ
ويُوَلْوِلْنَ.
ويُوَلْوِلْن.
6.
ثُمَّ ماذا؟
الزاي تتحرّكُ وتبيع
وتبادلُ لهجتَها
القديمةَ بأخرى مُزيَّفة
وتنشرُ أغاني المراهقين
وترّهات الأمل.
ثُمَّ ماذا؟ ثُمَّ ماذا؟
ثُمَّ ماذا؟
لكنّ الزاي أغنية لا تجيء
وإنْ
أتتْ فغزلها عنيف،
عنيف كقنبلة.
|