برقيات سعيدة جدّاً
شعر:
أديب كمال الدين
إلى صاحب الشاهر
************
أيّها الشاعر
بعدَ عشرين عاماً من الموت
كيفَ أصبحَ لونُ ابتسامتِكَ
الربيعيّة؟
كيفَ أصبحَ شكلُ الطفلِ في
روحِكَ الطفوليّة؟
إلى أصدقائي المنافقين
**************
أيّها الأعزاء
شكراً لأنّكم قدتموني
بكراهيتكم المُرّة
إلى نهرِ الحُبِّ العذب
حتّى وصلتُ
إلى عمقه الخطير،
وأخرجتُ جواهرَ كلامه جوهرة
فأخرى.
إلى أحزاني
********
شكراً لأنّكِ لم تطلقي عليَّ
حتّى الآن
رصاصةَ الرحمة.
إلى المطر
******
شكراً لأنّكَ تهبطُ في حضنِ
دجلة
كما تهبطُ صيحاتُ الشحّاذين
على الجسرِ العتيق
وكما تهبطُ الرحمةُ على الأرض
فتفتّشُ عن قلبٍ يحتضنها فلا
تجد.
حينها تعودُ من حيث جاءتْ.
إلى الشتاء
*******
شكراً
أيّها النبيّ الصغير
شكراً لغيومِكَ التي وصلتْ
أخيراً بالبريدِ المُسجّل
شكراً لغيومِكَ التي جاءتْ
وعليها طوابع الطفولة،
الطوابع التي ما أن رفعتُها
حتّى بدأتُ أغرق
وحتّى أخذ قلبي يحترقُ بأنينِ
الحروف،
وصيحاتِ الكلمات،
وطوفانِ النقاط.
إلى طوابع العالم
**********
شكراً
لو اجتمعتم جميعاً
بكلِّ طيورِكم وتيجانِكم
وشموسِكم،
فلنْ تعيدوا إليّ
حلماً من أحلامِ طفولتي
التي سرقها ساعي البريد.
إلى الزمن
********
شكراً يا أخي الكبير
شكراً أيّها الجلّاد الجميل.
إلى الجَمَال
*******
شكراً لأنّكَ اكتشفتَ الزرقةَ
في روحي
فاكتشفتُ الخطوطَ
في يديك،
واكتشفتَ الربيعَ في كلماتي
فاكتشفتُ المعنى في شفتيك،
واكتشفتَ الموسيقى في حروفي
فاكتشفتُ انزلاقَ روحي في
روحِكَ حدّ الهذيان.
إلى النقطة
*******
شكراً لصبركِ العظيم معي
حتّى ضياع آخر حروفي في حانةٍ
مُزيَّفَة
أو شارعٍ يبيعُ ما لا
يُباع
أو مدينةٍ عفا عليها الزمن
أو تاريخٍ بالتْ عليه جموعُ
الكلاب
وأكلتْ سمكَه الطيّبَ حرابُ
البرابرة.
|