ديوان الأسئلة
شعر: أديب كمال الدين
رؤيا
***
إذ أرى خفْقةً
تهبطُ الآن في الريحِ تستنفرُ الذاكرة،
خفقةً ناحلة
تسكنُ الصمتَ والتمتمة،
أسألُ الفجرَ هذا الصديق العتيقْ:
ما الذي يعرفُ الطفلُ عن أمّهِ أو أبيهْ؟
*
إذ أرى قُبْلةً هامدة
تسكنُ الليلَ بين الأصابع
مثل صرخات طفلٍ بعيدْ،
أسألُ الفجرَ هذا الصديق العتيقْ:
كم تُرى تبعدُ الشمسُ عن ظلّها؟
كم تُرى تبعدُ الشمسُ عن
لغوها المختفي في الزرازير والنحل
والدخانِ، البنادق؟
كم تُرى تبعدُ الشمسُ عن جرحِها المستفيقْ؟
*
إذ أرى كلْمةً ناتئة
تختفي في سطور الدفاتر،
كلْمةً ذات عينين قد صيغتا وحشةً داكنة،
كلْمةً تحتفي وحدها بانتصاراتها القائظة،
أشتكيها الزرازيرَ والنحلَ والفجر
والدخانَ، البنادق.
أشتكيها، إذنْ، خفْقةً تسكنُ الصمتَ والتمتمة.
أشتكيها، إذنْ، أو أخاف
أنْ تظلّ الصديقْ.
كم
*****
كم مِن جهدٍ يلزمني كي أمسكَ أياماً راحلةً
كقطارٍ مُسرع
أو مثل ظنون تتمطّى كغطيطِ السكّير؟
كم مِن جهدٍ يلزمني لأغنّي
للقبّعةِ المرميّةِ في الريح؟
*
كم مِن جهدٍ يلزمني كي أذكرَ شيئاً
مرّ هنا أحرقَ كلَّ الأشجارِ وبخّرَ منها الفجرَ وأعطى
لربيعِ الحبّ نشيدَ السكّينْ؟
كي أنسى أنهاراً مرّتْ
وطيوراً قالتْ في أذني شيئاً،
أثداءً باركت النوم؟
*
كم مِن جهدٍ يلزمني كي أبكي أو أضحك؟
كي أمسكَ كأساً مِن فرحٍ محمومْ،
كي أحرقَ أقنعتي في ليلٍ صافٍ كالثلج،
أخطو في فجرٍ أسْوَد مجنون؟
All rights reserved
جميع الحقوق محفوظة