أيقونة  الحرف في شعر أديب كمال الدين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

د/ عبد القادر فيدوح ـ جامعة قطر

 

 

 

 

 

استنطاق السر في الحرف

أن تحاول قراءة "الحرف" مع أديب كمال الدين، يعني أن تقرأ  الحرف في انعطافه على داله، وفي إيماءته على نفسه ليستنطق دلالته، وكأنك تقرأ اللغة باللغة التي تحتوي الشيء في مرامه، ضمن سياق  اللّغة الواصِفة  (Métalangage) في تأملها الأشياء باستمرار.

 

وأن تتعمق في "حروف " الشاعر فأنت مخير بين أمرين: الأول ـ ما هو مستشفع بالمعاني الروحية للحرف، والثاني ـ ما هو غريب غرابة أبي زيد البسطامي حين قال:"  أَشْرَفْتُ عَلَى مَيْدَانِ اللَّيْسِيَّةِ، فَمَا زِلْتُ أَطِيرُ فِيهِ عَشْرَ سِنينَ، حَتَّى صِرْتُ مِنْ لَيْسَ فى لَيْسَ بِلَيْسَ، ثُمَّ أَشرَفتُ على التضييعِ، حَتَّى ضِعْتُ فىِ الضَّيَاعِ ضَيَاعاً، وضَعْتُ ، فِضِعتُ عَنِ التَّضْييع بليْسَ، فىِ لَيْسَ، فىِ ضَيَاعَةِ التضْييعِ، ثُمَّ أشرَفتُ عَلَى التوحِيدِ، فىِ غَيْبُوبَةِ الخَلقِ عَنِ العَارفِ، وغيْبوبَةِ العارِفِ عن الخلْقِ[1]

وأن تتوغل في حروف أديب كمال الدين  يقتضي أن تكون لك  فراسة ذات بصيرة ثاقبة ـ قريبة من علمي الرمل والزايرجة ـ  وعمق في إدراك معنى الحرف ومبناه، بوصفه مرآة تكتنه عالم ذات الشاعر، وصورة للكون في تجاذباته. وبهذا المنظور يكون للحرف معانٍ، متجلية في الفكرة التي وُضعت لها، ومن أجلها.

ومع حروف الشاعر تهيم في فلوات شاسعة، لا دليل فيها إلا "الحرف" في مناجاته وخلاصه، على حد ما جاء في اعترافات الشاعر في قوله: الموت هو الحرف الأعظم. إنّه الحرف الذي لا يسبقه حرف ولا يدانيه حرف. وكشاعر اتخذ الحرفَ وسيلةً فنيةً وروحيةً حتى صرتُ بفضل ذلك أدعى بـ(الحروفيّ)، أقول: إنّ الحرف والحروفية، بل الشعر والشعرية، إنما هي احتجاج على الموت وتنديد به، ومحاولة للالتفاف عليه وتحجيمه وتخفيف سطوته وعنجهيته وعبثيته1.    

وإذا كان الحرف في وظيفته الدلالية يسهم في الغرض المراد التعبير عنه باللغة في أصلها المجازي، بخاصة في النسق الفني الرؤياوي، فإن السياق التعبيري بصيغه المجازية يحيل إلى ما تشير إليه حروف الشاعر في محتواها الرمزي الداعي إلى التأويل.

إن الاهتمام بمهارة الوعي الإبداعي المائز في شعر أديب كمال الدين هو اهتمام مسوغ بالحيرة، ومشفوع بمشروعه الداعي إلى الرغبة في إدراك أصْفَى الحق الضائع، مع تقديرنا لاختلاف وجهات النظر فيما يمكن الاتفاق، أو الاختلاف، حوله في الحكم على دلالات الحروف التي تعد الأكثر خلافية بين مهارات التحليل ونوعية الدراسة، والأكثر إثارة للجدل في الكشف عن دلالة النص، سواء من حيث البنية اللغوية، أو الرؤيا الفكرية المتضمنة إضمارا تجريديا؛ ما يعني أن المكاشفة الشعرية عند أديب كمال الدين منفتحة على الكثير من العوالم الممكنة والافتراضات الجمة فيما يرمي إليه ترميز الحرف، وبما يقتضيه الوعي التجريدي الذي يستند إلى أسلوبين" يتداخلان فيما بينهما هما: التجريد الكوني الذي تتضاءل فيه درجات الإيقاع والنحويَّة إلى حدٍّ كبير، مع التزايد المدهش لدرجتي الكثافة والضياع، ومحاولة استيعاب التجربة الوجودية الكونيّة باستخدام بعض التقنيات السريالية والصوفيّة الدنيويّة. وثانيهما التجريد الإشراقي الذي ربما يقع على خط الاتجاه السابق معترضا إيّاه في سلم الدرجات الشعرية، مع التباس أوضح بالنظرة الشعرية والنزوع الصوفي الميتافيزيقي، والامتزاج بمعالم ورؤى وجودية تختلط فيها الأصوات المشتركة والرؤى الحالمة المبهمة، مع نزوع روحي بارز يعمد إلى التراث الفلسفي بدلا من الضياع في التراث العالمي"[3]

وإذا كانت كل فكرة تسعى إلى مطلب البحث عما يحركها صاحبها من تساؤل، فإن كل محاولة للإجابة تفقد صاحبها مقدرته على أن تكون قطعية الدلالة، أو أن يحتمل معناها على معنى ثابت، وحتى في الحالة التي يفترض فيها الشاعر تساؤلا محيرا عن مساعي فهم حروفه، فإن ذلك يكون من غير جدوى فيما يمكن أن يكون أدعى لاستخلاص الرؤية الصائبة، ويبرر إحجامنا عن المسعى في موقف بيّن، كما في قوله:

 لكلِّ مَن لا يفهمُ في الحرفِ أقول:

 النونُ شيءٌ عظيم

 والنونُ شيءٌ صعبُ المنال.

 إنّه مِن بقايا حبيبتي الإمبراطورة

 ومِن بقايا ذاكرتي التي نسيتُها ذات مرّة

 في حادثٍ نوني عارٍ تماماً عن الحقيقة

 ومقلوبٌ، حقاً، عن لبّ الحقيقة.

 وهكذا اتضحَ لكم كلُّ شيء

 فلا تسألوا، بعدها، في بلاهةٍ عظيمةٍ

 عن معنى النون.[4]

 

لعل الحيرة المستحكمة في مصير حرف (النون) الذي تخطى فاعليته واقع الشاعر المهدور، هو ما يعكس ضياع المعنى في دلالة الحرف، المعبر عن ضياع المصير في جوهر حقيقته الحضارية، بعد أن تلاشى إشعاعها، وبدأت حقيقتها تتوارى عن حجاب العين، على نحو مواراة حرف النون ـ كهلال القمر ـ في رمزه الدلالي الذي اقتضته مصلحة الحاجة للتفرقة بين الهلال، والصليب، والنجمة السداسية، في الملول الحضاري، وليس العقدي.

ومن هنا، يبرز موضوع الشتات الذي أتلفت تناميه الفعل الحضاري، ونخر الواقع بِعُثّة أفسدت عليه مساعية، والشاعر كما يتبدى في إخفاء مكاشفة أيقونة الحرف في منحنياته الظالعة، إلى حافة الهاوية، فإنه يعكس بذلك ما آلت إليه قيمنا في هذا العصر الموبوء، نتيجة تراكم الأزمات، وتراجع الإمكانيات، وتفشي داء التعالم؛ المفضي إلى زرع روح الفشل، والإخفاق في تحقيق الطموح.

 

والحال، أن الحرف في شعر أديب كمال الدين لم يأتِ ليتخذ قوامه المعهود في الترابط والتناسق لبناء الكلمة، أو تطابقه مع الصوت الذي يماثله، أو مقامه في توضيح المعنى، أو لضرورة لغوية من حروف المباني وحروف المعاني، أو لدلالته على المعنى في نفسه، أو من حيث وضعه في سياقه الذي من شأنه أن يؤدي إلى اختلاف في معنى الكلام، كما لم تكن حروف أديب كمال الدين نظير المكاشفات فيما هو مضروب عليه الحجب من خلال نبض الحرف الغائر في  أعماق التجربة الصوفية، خلافا لذلك فإننا نرى أن حروف الشاعر جاءت لتعبر عن حيرة كل من ضل السبيل، وفي لجة دلالية تشير إلى حالة هادرة؛ لواقع يترنح في مصيره بين لجة السواد والعيش الضنك.

إن الحقل الدلالي لمسوغات الحرف في شعر أديب كمال الدين ينزاح عن الاستعمال الوظيفي، المعياري، لمدلول الكلمة ـ والحرف على وجه الخصوص ـ أي خارج ما تمليه قواعد المواضعة اللغوية. ولعل ما يميز حروفية الشاعر هو التفنن في صناعة ألفاظ بمجريات أحوال الحروف، والصور الموحية التي تتكون بها، من حيث الغاية المتوخاة بممكنات دلالات الحرف الموظف، سواء من حيث ترتيب الكلمة في ربطها بدلالة الحرف، أو من حيث درجة التكثيف الإيحائي المشبع بنكهة الشعرية في مبناها ومعناها والتي من شأنها أن تحقق رغبة في التآصر مع "المريد والمراد". ونظيرَ ذلك، يشي الحرف في مترادفاته بالجمود الحاصل في البناء الحضاري، وهو ما عبر عنه الشاعر من خلال تعقيد مبنى الحرف، وتشابك دلالاته:

هكذا كنتُ صحراء فكانَ الحرفُ جَمَلاً
هكذا كنتُ ضياعاً فكانت النقطةُ معنى
هكذا كنتُ حتّى امتلأتُ
 
هكذا طرتُ أنا وجَمَلي
 
طرتُ كغيمةٍ من نور.

 

 

 

 

إن التكثيف في استخدام صيغ "الكينونة" يعكس معايشة الشاعر مخاض تحول التجربة الحضارية من البناء إلى الانهيار والانحلال، وبعد أن جرب كل الممكنات؛ للحفاظ على المرجعيات الأصيلة، تسلق الغمام حائمًا، ومحومًا، رغبة في الذود عن حسن المآب، والمنحرف عن المسار الطبيعي لمصير الكون في وجوده التراتبي والترابطي؛ لبناء المكون الحضاري، ومحاولة اقترانه بما حوله من تنوع في الثقافات بأنساقها التواصلية، ومواقفها الغائية. وفي مثل هذه الحالة يجد الشاعر نفسه في حيرة من أمر مصيره  في تشابك دلالي بينه وبين الحرف والنقطة؛ الأمر الذي تمخض عنه صراع نفسي؛ لإثبات الوجود بعدما انفلت من بين أصابعه الحرف والنقطة، ووقعت في يد الآخر:

قالَ الشاعرُ: مَن سيكتب قصيدتي؟

- قالَ الحرفُ: أنا.

* ومَن سيطلق أسرارها للناس؟

- قالت النقطةُ: أنا.

جاءَ القَدَر

ومسحَ الحرفَ والنقطة

من شاشةِ المعنى.

فجلسَ الشاعرُ مذهولاً العمر كلّه

مثل صخرة كبيرة

مُلقاة على شاطئ البحر.

....

جاءَ الشيطان

ومسحَ الحرفَ والنقطة

من شاشةِ الوجود.

فجلسَ الشيخُ مرتبكاً

لا يعرفُ كيف يموت!

 

الحرف مقام الحيرة:

      إذا كان الشعر مدعاة لانبثاق تفتح الروح نحو كل ما هو كشفي وسحري، وغير محدد ـ كما يقال ـ فإن قيمته لا تسمو إلا بمقدار التوتر الذي ينتاب الشاعر؛ بتانسب طردي بينه وبين رؤاه، وفي تماسك يربط بين مكونات النص وتجربة الضمير الجمعي، وبعلاقة تماثل من جهة الخصائص الدلالية بين جوهر الحياة وقلق السؤال.

 

      وإذا كانت القصيدة وليدة الفترات المأزومة، فإن الشاعر ابن مظاهر الحيرة في غياب التجانس المطلوب، ومن ثم فهما وجهان لعملة واحدة، ولا ضير في تعاضدهما، بل إنّ في كلّ منهما إثراء للآخر، بحيث لا توجد قصيدة من دون حيرة، ولا شاعر إلا في جوهره اضطراب، يدفع به إلى الرغبة في فهم الحياة، وفك الملغز والملتبس بينه وبين الحقيقة الغائبة. ولعل التطور الحاصل بينهما نابع في حقيقته من حيرة الرؤيا في العملية الإبداعية، وتوتر السؤال في الرؤيا الكشفية، وإذا كان لنا أن نجمع بين الحيرة والسؤال، أو بين الرؤيا والكشف في القصيدة، فإن التعليل كاف بالقول إنها نبض إيقاع الحياة الذي يأخذ بوعي الشاعر ليقوده إلى إمكان معرفة مجاهل أعماقه، بعد أن عجنته حروفه بخيمرة الحيرة؛  لتشكلا معًا صورة تأملية في جدل حواري:

أوقَفَني في موقفِ الحيرة
وقال: خلقتُكَ يا عبدي وأنا أعرفُ حيرتَك.
حيرتك أكبرُ من البحر
وأقسى من الصحراء،
أبعدُ من الغيم
وأقربُ من القُرب.
فكيف ستنجو منها
وأنتَ كلّما صُمتَ
ظهرَ لكَ العسلُ شَهيّاً
فارتبكتَ؟
وكلّما تَرمّزتَ
ظهرَ لكَ المَخفيُّ جَليّاً
فأعلنتَ؟
لِمَ لا تكتفي بالصومِ إلى الأبد؟
ولِمَ لا تلبس ثوبَ الحرمان
وهو ثوبكَ منذ الأزل؟
الحيرةُ ستأكلكَ أكلاً جَمّاً.
وستضيعُ وأنا أنظرُ إلى حيرتِك
وهي تحيطُ بكَ من الجهاتِ الأربع،
فَتَمّسكْ وَتَنسّكْ وَتَماسَكْ!
فإنيّ أخافُ عليكَ من غدرِ البحر
ومن عاصفةِ الصحراء
ومن ضياعِ الغيم
ومن حَبلِ الوريد.
وهل هنالك خوفٌ أعمق من حَبلِ الوريد؟[5]

 

لقد شكل أديب كمال الدين ـ وبجهد دؤوب ـ مملكته الشعرية على عرش الحرف، وأودع فيه معانيَ جسدت فضاء انفصام الذات، ومادة خصبة اكتنهت عالم الشاعر بالضيم، وسبرت غور المتلقي بالحدس والتأويل، سعيا إلى إدراك خبياها من خلال الحفر في ترميز الحرف عبر تنوع أدوار معناه وعلاقة دلالاته مع الشاعر . وضمير الحرف المخاطب في هذا النص ينبه الشاعر من محاذير المخاطر بعد أن سكنت ضميره حيرة السؤال والارتماء في أشرعة المجهول، من خلال استناد الضمير(أوقفني) إلى توجيهات ضمير الحرف الذي اختزن جملة من متاهات رؤيا الشاعر.

ولعل قلة استنطاق ضمير الشاعر، عدا ما ورد منه (أوقَفَني)، ووفرة حضور ضمير الحرف في حواره المتوالي بطاقات ترميزية، ما ينم عن الحفر في كيان الشاعر، رغبة في الخلاص من الحيرة المشوبة بطاقاتها المقموعة لمصير الشاعر الذي لم يعد له أي دور غير الاستسلام بالإصغاء لتوجيهات مضامين الحرف، وتساؤلاته، بعد أن أصبح يتخلق به ويتأثث بدلالاته.

يعدّ إيثار دلالة ضمير المخاطب ـ المكثف في كل صورة من فضاء هذا النص ـ امتلاء لحاضنة الغربة التي اكتسحت وجود الشاعر، واجتاحت كيانه، وألقت به الأقدار والحسابات المبغضة، إلى المفازة، حيث لا علامة فيها يُهتدى بها، ما يعني انكسار هوية الذات، وإذعانها للانطواء الملتف بالحيرة التي "ستأكلك أكلا جمّا"

 

وتظل النجدة متواصلة عندما ينوب الحرف عن الشاعر في استغاثاته، وطلب الخلاص في مواجهة هذا الزمن السديم، المتوهج، حيث "اختلاط الحابل بالنابل" وتفشي اللايقين، ومتاهة الوجود وضلاله، على نحو ما عبرت عنه (صيحات النقطة):

 قال الحرف:

لم أعدْ مِن نفْسي بعد.

ضعتُ في نقطتها القاسية

وتضاريسها المليئة بصور الموت.

لم أعدْ مِن نفْسي بعد

فلِمَ كلّ هذه القصائد الوحشيّة بانتظاري ؟[6]

لقد جسدت حروف الشاعر ظاهرة الضياع في أشكال متعددة، قد يكون ضياع الذات، وأخرى يتخذ سبيل ضياع الوطن، وحينا في ضياع الهوية، وأخرى في ضياع الرؤيا، وبين هذا وذاك هو ضياع يؤجل فعل المواجهة، ويستكين لسراب لا ينال منه طالبه، بعد أن أدركت الذات الشاعرة أن:

الحرفُ هو الزلزال

وأنا أسكنُ الحرفَ يا زلزالي.

وإذا كان الحرف هنا يمثل كيانا في مداراته الفصامية، ومسارات الفصالية، نتيجة اضطراب الوجود في كينونته الإنسانية التي تهاوت إلى  غيهب المعنى، فإن معناه قد أظهر الواقع في صورة تبدت فيه أسرار الاختلاف والدخول في اللامعقول، بعد أن اختار سكن الكينونة المتزلزلة، والواقع المتأبي.

في كينونتي،

أعني في ارتباكي الكبير،

ثمّة حرف

وثمّة نقطة.

......

حرفي تاه

وسط كؤوس الخمرِ والدخان

حتّى أدمنَ صيحاتِ البحر

وصيحاتِ نوارسِ البحر.

لكنّ نقطتي

نهضتْ من جنونها اليومي

نهضتْ لتتدروش وتتصوّف.[7]

       يعترف الشاعر، هنا، بأزمته الخانقة عبر رحلة حياة أصبحت عصية الفهم، كرست واقعا تقهقرت سبله، وأصابه الضعف والوهن، وتطايرت شظاياه بسبب حالة اليأس، وفقدان الأمل، والاستسلام للمارسات الاستبدادية بعد تسليط القهر على الرقاب؛ الأمر الذي دعا إلى تقويض مساحة التفاهم المشترك بين الأنا(الرعية) والآخر(الراعي)، وأعاق التماسك الاجتماعي، وأفقده توازنه، وأدخله في" مصائر غير محدودة، ومستقبل مبهم... زمن يتأسس على إحباطات الحاضر، وعلى معاناة الحروف المشخصنة، واضطرابات النقاط على جنون اللغة، وجنوحها نحو العذابات الأزلية، رحيل ممعن في الموت، وغياب ممهور بالاختفاء الأبدي.. دهر يعوي.. يقوم ويعوي..." [8]

"والشاعر في مثل هذه الصورة يحاول أن يتجاوز الواقع المعمول فيما وصل إليه حرفه التائه إلى الواقع المأمول بعد أن (نهضت نقطته من جنونها اليومي)؛ لتعانق أشراقة نور الإيقان، رغبة في انكشاف واقع الحال."

 

وليس غريبا أن يحاكي الشاعر حروفه التي تحيل إلى صيغ مجازية فيما تشير إليه من معنى ملغز في محتواه الرمزي الداعي إلى الحيرة، ففي قصيدة (حب) من ديوان شجرة الحروف نجد الحقل الدلالي للفعل في هذا المقطع ـ مثلا ـ يفضي بالانفتاح على فضاء الترميز، المبطن بالقلق، والموزع بين الآمال المنتزعة والآلام الملزقة بواقعنا،  ضمن صيغ تداخلت فيها حيرة الضمائر (المخاطب والمتكلم والغائب) بأفعال مجيء الإخبار بصيغة الحاضر، الدال على الرغبة في الإرادة المسلوبة، ومن أجل البحث عن الكينونة في احتوائها السمو؛ لتشرئب إليه الأعناق:

حلمي كانَ الحُبّ
ولذا أردتُ لحرفي أنْ ينطق كلمة: حُبّ.
قبّلتُ شفته السفلى

كانَ الحرفُ صغيراً وجميلاً
وللتوّ عاد من طفولته المليئة  بالجمر
قلتُ له: قلْ حُبّ.
فقالَ على الفور: حرية !

ولذا ضعتُ لسنين لا حصر لها

أتجلّى في طوفانِ الحريّةِ وزلزالها
ثمَّ قلتُ له: قلْ حُبّ
فقالَ على الفور: حماقة !

ولذا ضعتُ لسنين لا حصر لها

أتجلّى في كأسِ حماقاتِ الدنيا

درويشاً مهووساً بقصصِ العشق

وملاكاً مُصاباً بجذام الرغبة.
ثمَّ قلتُ لحرفي
ها قد أصبحتَ كبيراً
أعني أصبحتَ مِن النضجِ بما يكفي
لتقول: حُبّ
فقال على الفور: حرب !

ولذا ضعتُ ضياعاً أسودَ أغبر
في حربِ الأجداد

وحربِ الأوغاد

وحربِ الأحقاد.

 

لعل مضامين صيغ الأفعال بأنماطها المختلفة، ساقتها قرائن لفظية ومعنوية متبادلة بين الفعل الماضي والفعل المضارع في مجراهما النحوي ـ وليس الصرفي ـ وفق سياق الأفعال التي أشارت إلى تعاضد الصيغة الدالة على استحضار صورة الحدث آنيا، وبيان دلالاتها المعبرة عن مطلق الزمن؛ لتحقيق (حلم الحُبّ) الذي كان، وما يزال، جامحا بخياله بين الماضي والحاضر والمستقبل، غير أن هذا الجموح ظل، وما يزال، مكبوحا برده عما يَعد به كل طموح باستبدال فقدان (الحرية)، وتفشي (الحماقة)، واندلاع (الحروب) بالحب فيما يريده (الحرف/الضمير)، أو ترغب في استجلابه من سلم وأمان، بوصفهما ضرورة من ضرورات الكرامة الإنسانية. 

فقد عبر الشاعر عن المعنى الذي يريد إيصاله بصيغة الماضي في سبع عشرة مرة، قياسا إلى قلة استعمال فعلي المضارع والأمر، بقصد إخبارنا عما جرى في مرامه مع الحرف، وعلى الرغم من ذلك نلاحظ أن جميع هذه الصيغ  تخبرنا عن صيغة ما يجب فعله مع الحرف الدال على الضمير الواعي، سواء من توظيف الماضي في صورة الحاضر، وتصويره كأنه يحدث الآن، أو من صيغة المضارع المتواري في فعله، أو في فعل الأمر المتوقع منه تحقيق المطلب المستعصي على (الحرف/ الضمير) نطقه بكلمة حب.

 

وإذا كانت هذه الصيغ ـ في هذا المقطع مثلا ـ  تدل على استحالة نطق الحب؛ أي نفي حدث الولادة المشرئبة التي ضاعت بين الأزمنة الموبوءة،  بصيغها المطلقة في أحداثها التامة، والمتكررة، والمستمرة، ما كان منها وما سيأتي ـ إذا كان الأمر كذلك ـ فإن نصوص الحروفي تطرح فكرا أنطولوجيا يقوم على أساس النزعة التشاؤمية المترسبة في الوعي الجمعي الذي لم تعد له ماهية تتبلور مع سيرورة وجوده، اعتقادا منه فيما يكشف عنه لامقول النص أنه لا معنى لوجود لا يملك أي رؤيا متعلقة بماهية تحدد مصيره، ضمن استجابة متطلبات جوهر الحياة في مساعيها النبيلة، وعودتها إلى الأصل" العودة إلى المنبع المولد، وللحفاظ على مكسب(ما) ينبغي تجديده باستمرار، من أجل كل واحد، ومن أجل الجميع، ومن أجل الذات ومن أجل الآخر، في الحب، والصداقة... علينا تجديد الدائم. كل ما لا يتجدد ينتكس، ما لايكون في حالة ولادة يكون في حالة موت"[9]

 

لقد تعب الحروفي مع حروفه في البحث عن  الوجود الأصيل، أو تحقيق الذات، حيث عالم الإرادة الحرة، بعد انعدام صحة الرؤيا المشرئبة، بوصفها معيارا لقيمة التطلع إلى ما هو أسمى، في مقابل ما يعترض سبيله إزاء ما يجري من حوله  من مصائب وهموم متوالية في صورة ظلامية على سبيل الاستعارة المكنية، كما في قوله:

"أوقَفَني في موقفِ الظلام

وقال: الظلامُ يحيطُ بك

مِن كلِّ صوبٍ يا عبدي.

فَعَلامَ الهرب؟

وَعَلامَ التعب؟

إنْ تصوّرتَ أنَّ للجسدِ شمساً

أو أنَّ للحلمِ ألَقاً

أو أنَّ للذهبِ روحاً

فأنتَ مِن الواهمين." [10]

 

يموضع الشاعر نفسه داخل قطب الرَّحى بين صورتي التشاكل الدلالي في شقه التقابلي بين ( الظلام≠ الشمس) و ( الهرب ≠ الألق) و ( التعب ≠ الروح) بما تحمله كل صورة في استعارتها المكنية، وانزياحاتها الدلالية  للتعبير عما آل إليه وضعه من كآبة وقلق؛ لذا جاء معنى التقابل هنا ليكرس حالة الإذعان من خلال إثبات المعنى. وكأنّ الشاعر يحاول أن يجعل من هذه المفارقة الضدية صورة مرتبطة بواقع الحال فيما تقع فيه الذات من عدم، يحول دون الرغبة في تحقيق الإمكانية، ومن دون أن تتكشف غاية الحقيقة أمامه، حتى أصبح مأخوذا بالاستلاب، والخضوع، والاستعباد،  وهو بذلك رهين كل ما هو منكفئ، أو صادٍّ عن كل شيء، ومعرض عن كل ما هو مستبشر به، وليس للشاعر مفر غير (الظلام، والهرب، والتعب) في صور دالة على الضياع، وفقدان الأمل من كل ما هو حقيقي، وواقعي، ومطمئن في صور( الشمس، والألق، والروح) بوصفها صورا تعبر عن حالة تغذي إشباع الرغبة الطموحة كمًا وكيفًا، مادةً وروحًا.

 

في متاهة الحرف

مر بنا ـ فيما سبق ـ أن الحروفي مال بنا في حروفه إلى التجريد الذي بات محكوما بذروة التّذَرُّر؛ حيث " العدمية تقف على بابه كـ " ضيف هو الأكثر بشاعة"[11] وإذا كان الأمر كذلك ـ بالنسبة إلى الحروفي ـ فلأنه استطاع أن يكون لسان الحال، المهيَّم به، والمفعم بالمشاعر الشاردة نحو المطلق، نتيجة تشظي مفردات الواقع وتكميمه، وبعد أن تجرد الوجود من كل ما هو مرجعي/ نموذجي، أو تجريد الحالة الإنسانية من الحقائق الكلية:

كلُّ شيء تبخّر في هدوء عجيب.

صفّقوا أيها الأصدقاء

صفّقوا..

إنها ساعة الافتراق،

ساعة الرعب

ساعة أن نكون أو لا نكون[12]

إنه السديم الغامض، والمفتوح على اللانهائي، المسكون بالمجهول. ولعل رسم الوضع بهذه الصورة هو عبارة عن وجود يكفل للشاعر البحث عن الخلاص من الشقاء الذي رسمه هيراقليطس Heraclitus  منذ فجر التاريخ بأنه "يأتي الناس حين لا يعيشون العالم بل في عالمهم"، وربطه بسطع مجده في كل أجوائه الرحبة، التي تسعى إلى التطلع نحو الأفق المسيجة بالأغلال الداخلية، والخروج عن الذاكرة الاجتماعية؛ الأمر الذي من شأنه أن يفضي إلى حجب الدور الحقيقي للأفق الدلالي؛ من منظور أن كل محاولة لفهم معنى الحقيقة ـ في هذا الزمان ـ هي محاولة فهم الصورة اللامحدودة، وفي كل اجتهاد للفهم يعد ضربا من تعميق المجهول في الوجود، على نحو من الحدس الذي يضع الحرف( النقطة)  موضع سؤال، نتيجة لعبة تموقع الحرف في فضاء النص الدامس، من وراء قصد السبيل الذي يحاول الواقع  إظهاره بطرق يغلب عليها المعنى المضلل بالتنابذ في الغاية، وغياب التجلي المشرئب إليه الطموح:

الأسئلة تلد الأسئلة.

تلك حقيقة الأسئلة.

لكنني لا أبحثُ عن حقيقةِ الأسئلة

أنا أبحثُ عن حقيقةِ النقطة.

       ولكن، أنّى للنطقة/المركز ذلك، إذا لم تكن تستند إلى إشعاعات الكلمة/المحور ـ بوصفه خطا مستقيما يصل بين قطبي الحقيقة ـ ولا إلى الإسهام في استرجاع المعنى، المبثوث في تضاعيف المفاهيم الشاردة. لقد جاءت النقطة، هنا، لتكشف المضمر عن الوعي الشقي بالوجود، ولترفض الزمن في ارتباطه بفقدان القيمة، على النحو الذي صنفه ابن خلدون في ضوء المفردات التي استخدمها مثل (الوتيرة)، و(الحال)، و(الآفاق)[13]، كما جاءت الرؤيا لتمثيل روح الشاعر في الغياهب، ولتستولد معناه من مبناه، ولتحرره من أغلاله ، وشدة عطشه الذي يروي ظمأ الروح إلى الحق من لهيب السلب، والقمع، على نحو ما نجده في " وصية حروفية":  

حين يجلس الحرفُ قبالتك

لا تتكلمْ قبل أن يبدأ الكلام.

اصغِ إليه حين ينطق

وابكِ حين يئنّ

وقبّلْه في جبينه المضيء

حين يقبّلك

في جبينكَ الذي أكله التراب .

وحين يغنّي

قمْ فارقصْ

فسيكون الحرفُ نايك

بل سيكون طائركَ الأبيض

محلّقاً في السماءِ الزرقاء.

وحين يشتعلُ الحرف 

من الموتِ والحبّ

(وكثيرًا ما يشتعلُ الحرف

من الموتِ والحبّ)

ضعْ إصبعكَ على شفتيكَ علامةَ السكوت

وابدأْ كتابةَ القصيدةِ فوق الماء![14]

وانطلاقا من أن للحرف في شعر الحروفي معاني عديدة، فإنه هنا يمثل صورة الممانع للمألوف، والداعي إلى الوجهة الأخرى المتربصة كالعنقاء، أو الشفرة، في حدها على ربقة الناس، وذلك حين يبدو عليه مخاطبة الآخر بلهجة آمرة ومستبدة، وهو ما عبرت عنه صورتا النهي والأمر ضمن سياق النص: (لا تتكلمْ، اصغِ، ابكِ، قبِّلْ، قمْ فارقص، ضعْ، ابدأ)، طاعة لإرادته، حتى يكون شفيعا لك (حين يقبّلك/ في جبينكَ الذي أكله التراب) دلالة على العلامة التي يحدثها السجود في الجبهة، تذرعا بالدعاء بعد الاستسلام لأمره؛ لأنه (سيكون طائرك الأبيض) حلمك الوسن الذي بات يدعوك لإعادة تشكيل وعيك في اتجاه الإرادة المائعة؛ لتجد نفسك أنك حققت شيئا يتماهى مع العهد الذي استوثق به أدونيس:[15]

أقسَمْتُ أن أكتبَ فوق الماءْ

... قصيدة الغبار

أو حين يكون:

لونكَ لونُ الماء

يا جَسَدَ الكَلامْ

وَلْيكنِ الكلامْ 
قصيدةً تلبَس وجهَ البَحْر
.

بهذا المعنى تبدو الصورة الدالة في شعر الحروفي محاكاة لواقع تراجيدي يستنطق الحالة التجريدية المتوغلة في الغرابة، الماثلة في الحياة اليومية. ولم يكن التجريد، هنا، إشارة إلى الواقع الغامض إلا فيما يدل على تناثر الوعي الاجتماعي المؤدي إلى التغير الغامض، والمنظور الملتبس، والحياة المتعفرة في الفوضى، أو على حد ما عبر عنه ميشال فوكو  Michel Foucault حين وصف واقع الحال على أنه قائم على التوالد، والتجاوز، والتقطيع، وعبر تفضيل ما هو وضعي ومتعدد، وتفضيل الاختلاف على التجانس، والمتحرر على الموحد، والمتنقل المتفلت على النظام... وأخيرا يجب أن تؤمن أن المنتج ليس المقيم بل الهائم على وجهه[16]

 

       عالم الحرف في شعر الحروفي، عالم، يعكس لعبة المتناقضات والموارَبَة، لا يماثلة ـ البتة ـ عوالم الكلمة، الممتدة بلا قيد في رسالتها عبر المخيلة الخصبة لإنتاج معنى ما، من خلال البحث عن الحقيقة المضمرة بين تضاعيف الحرف، المذعن بالتنميط في دلالة اللامقول، عالم الحرف في شعر أديب كمال الدين عالم متمرد على كل حدٍّ، غير أنه متطلع إلى كل مدٍّ في اتساع آفاقه، إنه عالم يتنامى فيه الاختلاف مقابل الائتلاف، يضمر فيه العقلاني مقابل اللاعقلاني، عالم يحاكي زمنا يتجسد فيه غياب المعنى؛ الأمر الذي حيّر معه دور الكلمة، وركنها إلى كل ما هو مبهر ومدهش، عالم فيه ضل الشاعر مع حروفه، وظل هائما حين صار كل حرف يحمل شحنة من الدلالة، هي في علاقة اضطراب مع واقع الشاعر الناتج من انفصام معناه عن مبناه، وبعد أن توارى بالقناع في اغترابه: وهو ما تعكسه قصيدة "ما اسمك أيها الحرف؟"[17]:

ما اسمك؟
قلتُ للحرفِ في مساءٍ شديد الظلام.
قالَ: بعد هذي السنين الطوال
والانتقال العجيب
من منفى إلى آخر
ومن شظيّةٍ إلى أخرى
بل من زلزلةٍ إلى أخرى،
وأنتَ لا تعرفني؟
قلتُ، كَمَن يتصنّعُ الهدوء،
لا.
قال: كيف؟
ألم تكتب المئات من القصائد
لتصف الحرفَ وعرشه
وأساطيره وشموسه وفراته؟
ألستَ الذي يُدعى بالحُروفيّ
أو ملك الحُروف
أو النُقطويّ أو الطلسميّ؟
قلتُ: لا أدري.
قال: إذنْ خذْها منّي،
يا شبيهي المُعذّب بالموتِ والارتباك،

أنا الحاء
حلمكَ الباذخ بالحُبّ
أيّها المحروم حدّ اللعنة،
حلمكَ المُتشظّي بالحرّية
أيّها المنفيّ إلى الأبد،

...
قلتُ: وماذا بعد؟
قال: أنا الألف:
جرحكَ الممهور بالدمِ والندم
وأنا النقطة:
نبضُكَ الذي يولدُ كلّ يوم
في ثوبٍ جديد
ورقصٍ جديد
وعُري جديد
وموتٍ  جديد
حيّرَ الأوّلين والآخِرين
!

 

       وبذلك يصبح الحرف هنا غير منفصل عن ذات الشاعر، بل هو مفوض عنه بالكفالة، وليكون بديلا للكلمة، وشبيهه (المُعذّب بالموتِ والارتباك)، إنه بمثابة الصورة الدالة في مضامينها بحمولة من الفضاءات الواعدة بالانكسارات من قراصنة الضمائر الحية.

 

عندما تقرأ للحروفي تجد نفسك في فضاء افتراضي، وفي متاهات "النرد الشعري"، متماهيا مع  "طاولة الزهر"؛ بعد أن حُمِّلَ الحرف على التغريب في اتجاه مجهول المراد. ومن ثم  يعد تكوين صورة الحال بالحرف، انفلاتا من التنميط المحكوم بالمعلوم، أو المذعن لطاعة النسق المعلوم. ولعل وجود الحرف بهذه الصورة المنفلتة هو تعبير عن احتجاج تحول الزمان على هذا التنميط الموجود  في تراتبه وانسيابه في وعينا، والبحث عن إرادة جديدة داخل ساحة الأفكار الجديدة، بغض النظر عن مستوى قيمها.  

يحاول الحروفي أن يجعل من حروفه نصا مواربا باحتمال معانيه، وفق ما يسوغه الاختلاف المطلق، بحجة مسايرة الواقع المطلق في دلالاته الظنية التي شاعت فيها الاختلافات، والخلافات، سواء ما كان منها من وقع تضليلي، أو تحريفي، ولعلّ تفشي هذه المتناقضات ما يعكس استحضار التماهي مع شقاء الشاعر المؤدي إلى الاغتراب والتيه:

عجب الحروفيّ من هذه الحاء

فلقد رأها مرّة راقصةً أسطوريّة

ومرّة رأها توابيت عارية

ومرّة رأها ذهباً، وجمراً، ودموعاً، وسكاكين.

فاحتار.

 

************************************************

 

قائمة المراجع

 

1.   إدغار موران: النهج، إنسانية البشرية، الهوية البشرية، ترجمة: هناء صبحي، ط 1، 2009، هيئة أ[و ظبي للثقافة والتراث، (كلمة) ص343.

2.   أدونيس:  أغاني مهيار الدمشقي  الطبعة الأولى- بيروت دار مجلة شعر - 1961

3.   أديب كمال الدين:   أقول الحرف وأعني أصابعي، الدار العربية للعلوم ناشرون- بيروت، لبنان، 2011، ص. 34، 35.

4.   أديب كمال الدين:  شجرة الحروف، دار أزمنة، ط1، 2007، 88، 89

5.   أديب كمال الدين: ما قبل الحرف .. ما بعد النقطة ، دار أزمنة للنشر والتوزيع، عمان، 2006 ص 31

6.   أديب كمال الدين: مواقف الألف، الدار العربية للعلوم ناشرون، ط1، 2012 ، ص 32،33.

7.   أديب كمال الدين: نون ،  ص4 - مطبعة الجاحظ - بغداد 1993

8.   أديب كمال الدين، "موقف الظلام"، من ديوان (مواقف الألف)، الدار العربية للعلوم ناشرون- بيروت، لبنان، 2012، ص. 21.

9.   اسكندر حبش (حوار أجري مع أديب كمال الدين)، في جريدة السفير اللبنانية 04-09-2013  عدد 12570

10.    الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 8/138

11.    دافيد هارفي: حالة ما بعد الحداثة، بحث في أصول التغيير الثقافي، ترجمة: محمد شيا، المنظمة العربية للترجمة، ط1، 2005 ص 318

12.    صباح الأنباري: إشكالية الغياب في حروفية أديب كمال الدين ـ منشورات ضفاف، ط 1 ، 2014 ص 51

13.    فالح الحجية: التجريدية والتعبيرية الشعرية المعاصرة، مجلة سطور، الرابط http://www.sutuur.com

14.    نورة شاهين، الزمن الاجتماعي والزمن الإعلامي قراءة معرفية في الرواسب الثقافية، مجلة الرافدين ، الرابط www.arrafid.ae/arrafid

 

  Michel Foucault, The Foucault Reader, Edited by Paul Rabinow (Harmon swords: Penguin, (8)1984) .p ,xiii.



[1] ينظر، الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 8/138

[2] من حوار أجراه الكاتب اسكندر حبش مع أديب كمال الدين، في جريدة السفير اللبنانية 

[3]  فالح الحجية: التجريدية والتعبيرية الشعرية المعاصرة، مجلة سطور، الرابط http://www.sutuur.com

[4]  أديب كمال الدين: نون ،  ص4 - مطبعة الجاحظ - بغداد 1993

 

[5]  مواقف الألف، الدار العربية للعلوم ناشرون، ط1، 2012 ، ص 32،33.

[6]  ما قبل الحرف .. ما بعد النقطة ، دار أزمنة للنشر والتوزيع، عمان، 2006 ص 31

[7]  أديب كمال الدين : شجرة الحروف، دار أزمنة، ط1، 2007، 88، 89

[8] صباح الأنباري: إشكالية الغياب  في حروفية أديب كمال الدين ـ منشورات ضفاف، ط 1 ، 2014 ص 51

 

[9]  إدغار موران: النهج، إنسانية البشرية، الهوية البشرية، ترجمة: هناء صبحي، ط 1، 2009، هيئة أ[و ظبي للثقافة والتراث، (كلمة) ص343.

[10]  أديب كمال الدين، "موقف الظلام"، من ديوان (مواقف الألف)، الدار العربية للعلوم ناشرون- بيروت، لبنان، 2012، ص. 21.

 

[11]  ينظر، دافيد هارفي: حالة ما بعد الحداثة، بحث في أصول التغيير الثقافي، ترجمة: محمد شيا، المنظمة العربية للترجمة، ط1، 2005 ص 318

[12]  من قصيدة، اذهبوا للجحيم

[13]    ينظر، نورة شاهين، الزمن الاجتماعي والزمن الإعلامي قراءة معرفية في الرواسب الثقافية، مجلة الرافدين ، الرابط www.arrafid.ae/arrafid

[14]  أقول الحرف وأعني أصابعي، الدار العربية للعلوم ناشرون- بيروت، لبنان، 2011، ص. 34، 35.

[15]  أدونيس:  أغاني مهيار الدمشقي  الطبعة الأولى- بيروت دار مجلة شعر - 1961

 

[16]  ينظر  

  Michel Foucault, The Foucault Reader, Edited by Paul Rabinow (Harmon swords: Penguin, (8)1984) .p ,xiii.

 عن، دافيد هارفي: حالة ما بعد الحداثة ، ترجمة، محمد شيا، المنظمة العربية للترجمة، ط1، 2005، ص 67 .

 

[17]  ديوان، أقول الحرف وأعني أصابعي، الدار العربية للعلوم ناشرون- بيروت، لبنان، 2011، ص. 111 وما بعدها.

 

 

 

 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسية

All rights reserved

جميع الحقوق محفوظة

Home