حديقة
شعر: أديب كمال الدين
الحديقةُ بعيدةٌ في بلدٍ بعيد.
الحديقةُ خاليةٌ إلا من غرباء
يلوّحون بأيديهم تلويحاتٍ مُبْهَمَة.
أهي تحيّة؟
أيّ نوعٍ من التحايا؟
ولماذا يلوّحون بأيديهم والمطرُ شديداً ينهمر؟
نحن لا نعرفُ بعضنا بعضاً!
أبداً!
لماذا الإصرار، إذن، على التلويحةِ: التحيّة؟
أهي عادة في هذه الحديقة الجميلة الموحشة
أم في هذا البلد؟
أم لأنّ المطر اشتدَّ واشتدَّ؟
أنا أعرفُ المطرَ يشتدّ،
وكثيراً ما رأيتُه يشتدُّ ويشتدّ.
وفي كلِّ مرّةٍ تكادُ الأرضُ تغرق
حتّى أظنّ أنّ شيئاً ما سيحدث
في
هذه
الحديقة.
لكنْ لا!
أعني ما من جديدٍ يحدثُ أو سيحدث.
لكنْ لا!
الغرباءُ يلوّحون بأيديهم!
بعضهم ارتدى ثياباً من النايلون فوق ثيابه،
وبعضهم وضعَ صحيفةً فوق رأسه،
وبعضهم احتمى تحت شجرة ما
أو تحت سقيفة ما.
بعضُهم يضحك،
وبعضُهم يُقبّل حبَّه أو حبيبتَه،
وبعضُهم- وهو قليلٌ- كانَ يبكي.
هل كنتُ أبكي؟
لا!
لكنّ المطر كانَ ينهمرُ بقوّة.
والحديقة تزدادُ غموضاً وغرابة.
|