يقين
التصوف في
المجلد
الرابع لأديب
كمال الدين
إحالة على
الاشتهاء
أحمد
الشيخاوي
وأنت تقرأ
لهذا الاسم
النموذجي
الوازن في
المشهد
الشعري
العربي
الحديث، ولو
أن تجربته في
امتداد
جذورها تعود
إلى مفتتح
سبعينيات
القرن
المنصرم، كي
تدغدغنا في
أوجها، وأعني
الآن، محاصرة
جوارح
التلقّي
بجملة من
المعاني
الإستطيقة
الفائضة عن
إبداع طبْع
التخضرم
وميسمه
المختمر، لا
يمكنك وأنت
منهمك تكحّل
طرفك بباقة
ألوان وأسرار
ما يعتكف
عليه الحرف
العربي من
فخفخة تتشرّب
فلكلورية
الخفيّ
والمستور،
يطوّعه أنّى
يشاء الشاعر
العراقي
المغترب أديب
كمال الدين،
إلاّ أن
تستشعر لذة
عصارة الحرف
تُحقن ملء
كلّ نواة
فيك، إبّان
مراسم
استقبالك
لنظير هذا
المنجز وهو
يحتويك فوق
ما في الدهشة
من لدغات
إرباكية
توقّعها
سلاسة وبساطة
البوح
الملغوم
بتقنية سهله
الممتنع،
وكأنّك تعيش
لحظة
المطالعة من
جوانيتك لا
من خارجك،
وبفعل ذات
أخرى تُقرأ
فيك، وقد
خبرتْ ويلات
وصروف
وامتحانات
الدهر، عزلة
ومنفى
وتجريبية
روحية منقوعة
في سلسبيل
الاستثنائي
والمختلف.
ومن ثمّ توضع
في الصورة
التي لا تقل
نكهة
ومُباغتة
بكؤوس مرارة
التجربة
والحياة،
مرارة ممسوخة
ومحوّلة إلى
معسول
الأنهار
الأخرى للقول
الشعري
المصقول جداً
في مرايا
الكينونة قبل
أن يمرّر
عليك بآفاقه
الجاذبة إلى
دوّامة
المعاني
القريبة جدّا
والمتكرّرة
في تفاصيل
معيشنا
والدوّارة
بغنج مع فصول
الهشاشة
المفتقدة
التي لا
تحصّل بسوى
اقتراف كذي
انفلاتات
ذهنية مفضية
إلى رعشة
الاستقطاب
المخوّل
لأسفار
البرزخية
والتنعّم
ببحبوحة
القول الشعري
الطاعن بدفق
القليل
المكثّف
الدّال
والمضغوط
بصوفيته
المخاتلة.
في طقس
للتلقّي أشبه
ما يكون
بمشهد سقي
العين من سحر
وردة متفتّحة
سحرا يغسلها
جود الندى
المتقاطر
بخجل.
ذلك أن شكل
الكتابة لدى
الشاعر أديب
كمال الدين،
في أدنى
توصيفاته،
يحيل على
الاشتهاء
الذي يولّده
في النفسية
مستجلباً
انشراحها ما
هو ضمني وقف
على عملية
تنشيط خموله،
على التمام
وعبثاً
بفخاخه
المنطوية على
أشكال
وتدويرات
استعارية
متراصّة
تتقشّف
والأصوب أنها
تقتصد في
اللعبة
الانزياحية،
فيما المعنى
يظلّ غائراً
جداّ وموغلاً
ومتعباً في
فصول تقصّيه،
وإن يك تضوّع
المفردة
الصافية ضمن
ممارسة
كريستالية
صرفة، هو
دليله
وعنوانه
الأبرز.
يضمّ رابع
مجلّدات
أعماله
الشعرية
الكاملة، في
طبعته الأولى
صدوراً عن
منشورات ضفاف
اللبنانية،
دواوينه
الثلاثة:
"مواقف
الألف" سنة
2012، "الحرف
والغراب" سنة
2013،
وكلاهما عن
الدار
العربية
للعلوم
ناشرون،
بيروت،
لبنان، فيما
المجموعة
"إشارات
الألف" عن
منشورات
ضفاف، بيروت،
لبنان2014.
وهو عبارة عن
استطراد
كينوني مُلجم
بمحطّات
وجودية تفرض
على الذات
المبدعة
النظر الخاطف
إلى مرايا
الأنوية
المصقولة
بترثرة
الدّفين،
مسايرة لجوّ
ميتافيزيقي
مهيمن على
مناخات تراشق
معاني التضاد
والمفارقات
والغرائبية
السردية، ما
يمنح انتعاشة
وارتعاشة
أكبر لعناصر
المفاجأة في
شعر أديب
كمال الدين،
وينزلق بها
إلى قوالب
الصياغات
المكشوفة
والضاربة
بتشذيرات
النفَس
اللاهث
وتقطيعه إلى
وصلات نازفة
بالغمز
الصوفي الذي
تنبني عليه
اللعبة
الكلامية
بالكامل،
مشفوعة
بوسطية
واعتدال النص
شكلاً
ونبضاً،
والإغداق
عليه من
ميكانيزمات
التكثيف
والانزياحات
بغية منحه
بروزاً
جاذباً يجعله
يتخطى كادر
التيمة
مباهيا بهالة
لا يصنعها
سوى المعنى
الزئبقي
القادر على
بلورة أسئلة
الكائن
الوجودية
المناوشة
بشوكة كمونها
البصري
وبجلجلة
صوتها الخفيض
الأميل إلى
لغة السّكوني
المتلعثمة
بتعاليمه
إرهاصات
البياض.
وعموما يمكن
تبويب
المجلّد على
ثراء عناوينه
وتنوّع
مضامينه، إلى
شعريات ثلاث
نجردها تباعا
كالآتي:
شعرية الموقف
تنمّ عن مثل
هذا المفهوم،
عتبة أولى
المجاميع
الوالجة في
ترصيع جسد
هذا المنجز
الكامل، من
حيث هي
فسيفساء
تعبيرية
اعتنت
بالحالة على
جاهزيتها
وباعتبارها
معطى بديهياً
وقريب
المنال،
اقتضى أن
تدكّ حصونه
بالخطاب
المباشر
العاري،
بمعزل عن
الأقنعة
ومزاولة
طلليات
التعبيرية
السحرية
عليه، وحبك
غزله باعتماد
الآليات
الناهضة على
غزارة
الإضمار
والترميز في
استقطابهما
للذائقة
والذهن على
حدّ سواء،
لتوريط الطرف
المتلقّي
وجعله المعني
ضمنياً،
بالنص الذي
يعلن موت
مؤلفه، كما
التزاما
بفبركة
كلامية تروم
امتدادات
وتكميلية
للنص المذيّل
بنهاياته
المفتوحة
والمتروكة
عنوة لقابلية
ترع فراغاتها
واغتصاب
بياضها، بما
يمكن للوظيفة
التأويلية
التكفّل به
معودة إنتاجه
فور اصطدامه
المبدئي
بالمادة
المقروءة
بتعقّل .إغتصاباً
يرخي عليه،
بالتالي، من
ظلال البيان
وفكّ
الطلاسم،
قدراً يؤهله
لمحمومية
التفشي
المذوّب في
روح تأليف
ثانية هي
بدورها
موجّهة
ومسافرة في
زمن الولادات
الأخرى
كنتيجة
لمغامرة
قراءة ابتداع
تتناسل
وتتعدد
متماهية مع
اللانهائي
واللامحدود.
استرسل
شاعرنا في
بثّ مواقفه
من الذات
والغيرية
والعالم،
لافحاً
بجمالية
استدعاء
المعنى
والمعنى
المضاد،
مبطّناً به
خارطته
الإبداعية في
قيامتها
وقيامها على
تنافرات
واختراقات
وتقاطعات،
وأحياناً
كثيرة
توازيات،
سالكة بأبعاد
ثلاثة أيضاً:
الجسْدنة
والرّوْحنة
والعقْلنة،
علماً أن
باقي التيمات
ما تنفكّ
تعلن
تشابكاتها
وتهدل
بانسلاخها،
انبثاقاً من
وإلى هذه
الفروع
المذكورة
تمرّنا على
الدوخة
الكتابية
مسلّمة بدورة
كاملة للذات،
وعود حلزوني
يصون للنص
وحدته
العضوية
ويغذّي
إيقاعاته
المنفرطة
درراً عدل
إلالحاح
النرجسي
المترهل
بكهذه كوّات
متيحة للهروب
الرمزي
الوارف
بأبجديات
الترويح
والأريحية
المسعف في
امتصاص
المعاناة
مضاعفة، على
نحو يلملم
تشظيات الذات
ويضمّخها
بعفوية البوح
عند تخوم
التصاديات
السمعية-
البصرية
الضامنة
لتجريبية
الإبداع ميزة
أو التحرّر
من سطحية
الموقف
وفقاعة الطرح
المضلّل.
هجرة ذات
حالمة من كلّ
هذا الزيف،
إلى صلب
الاشكالية
الوجودية
الصوفية التي
تطرب بها
قلوبنا
العطشى دندنة
الحرف الذبيح
عند عتبات
الرؤى
البرزخية
النافرة،
مشاكسات أديب
الشعرية
والحياتية
على حدّ سواء.
إن هذه
الوعثاء
الرمزية أو
اللوثة
الحِلْمية
الجميلة وهي
تسجل أشهى
لحظات العبور
إلى جبّ
الاستشكال
تملّصاً
وتحرّراً من
قيود
الأشكال، هي
من ترغّب
وتحبّب إلينا
مقامرة
استكناه ما
تحجبه
وتواريه ما
ورائيات
السردية
المستباحة
نظرا
لتهويمات
البساطة التي
قد ترخي
علينا
بجوانحها،
تسحبنا نحو
غرق حقيقي في
مرجان
المخبوء
وسائر ما
تسكت عنه
ألوان
القصيدة التي
تختزل
غوايتها في
خيوط سمّ
مثمل للذائقة
ومغذّ للذهن
بذخيرته
العرفانية
ومخزونه
الحِكَمي.
نصوص هادلة
بمخمليتها،
عن الولادة،
عن الحرف، عن
الطغاة، عن
الرحيل
النسبي
والمطلق، عن
العزلة، عن
الاغتراب، عن
ذاكرة
الرموز، عن
المقدس، عن
الإلوهية، عن
الشكل
الهندسي، عن
الصفة، عن
الاسم، عن
الفعل، عن
المنفى، عن
الحالة، عن
ما يُقال وما
لا يُقال، عن
أنسنة الشيء،
وتشيؤ
الكائن، إلخ...
يقول في
موضع:
"أوقَفَني في
موقفِ كلِّ
يوم.
وقال: يا
عبدي
أتعرفُ هذا
الموقف؟
قلتُ: لا.
قال: هذا
موقفُ
النسيان،
وهو موقفُ
كلِّ يوم،
ولولاه لكنتَ
مِن
الهالكين."
وفي موضع
آخر:
"أوقَفَني في
موقفِ
الطاغية
وقال: تاجُ
الطاغيةِ من
ذهبٍ يا عبدي
وعرشُه من
ذهب.
مائدتُه من
ذهب،
ملاعقُه من
ذهب،
خواتمُه من
ذهب
وأصابعُه من
ذهب."
وفي موضع
ثالث:
"كتابُكَ هذا
سرُّ نجاتِك
يوم لا ينفعُ
مالٌ ولا
بنون
فاحملْه
باليمين/بسمِلْه
وحوقِلْه
وغطِّه
بالدمع
وقبِّلْه
بالمغفرة
وسمِّه كتابَ
السِّين
في دائرةِ
السِّنين".
شعرية
المقدّس
نستشفّ
ملامحها من
ثاني عتبات
المجلّد،
وكيف أنها
تشير إلى
أزمة ووجع
الحرف حدّ
استدعاء
الحكمة
القرآنية
التي علّمت
البشر بضعاً
من طقوس
مواراة
الجريمة،
وبصياغة أجزل
ستر الخطيئة
الأولى
المتكرّرة في
صيرورتنا
الآدمية
يشوكها مثلب
النفور من
ملائكيتنا
المرجّحة
فينا لشتى
أشكال
الفضيلة،
ونبذ الحروب
والتطاحنات
ولغة الدم،
وهكذا تغليب
تجليات
الإمساك
الطفولي
للكائن بجمرة
الحياة، بدل
الامتثال
لأوامر
الغريزة
والبهيمية
فينا حدّ
ارتفاع مؤشر
القتل وإذكاء
شهوة البطش
وإدماء حقل
الإنسانية في
اشتراكيته
وتوابع
عالميته إذ
تحض على
العناية
بأبجدية
اختلاف
الألسن
والأعراق
والأديان،
وتنصّ على
ضرورة رعاية
العقل
المتشبّع
بثقافة
التنوّع
والاختلاف.
بيد أن اللبس
أو الرمادية
المقبولة
التي تناور
بها قصائد
أديب كمال
الدين، كما
هو معتاد،
يكمن في
توهجّ الحنكة
المفتية
بقواعد
الصرامة
مثلما تبعثها
انطباعات
حلمية الواقع
المراوغة
بزوائد رمزية
لجملة من
المعاني
المتضاربة،
حدّ القذف
بالمتلقي في
غياهب الحيرة
تسوم
باستفسارات
تتسارع
وتتراكم على
الذهنية،
تناوش وتستفز
بجدليات
التقديم
والتأخير
الإظهار
والإضمار
والتذكر
والمحو إلى
غير ذلك من
الأضداد في
تجاذباتها
المغلّفة
بالرسائل
الملحمية و
المدوزنة
بنبر التصوّف
الموغل
ديباجته
الفلسفية
العميقة.
تسيطر علينا
مثل هذه
الهواجس، قبل
أن تستهلك
طاقتنا
التأويلية
العصارة
النصّانية،
لآخر نقطة من
الارسالية
مزدانة
بحمولة
المزاوجات
بين الجمالي
والمعرفي،
ليتبدّد سراب
الغموض
تلقائيا،
فيتمّ
الاهتداء إلى
أنّ هذا
الحرف الذبيح
المتخبط في
دم الأنا
الشاعرة،
يحدث تحريكه
داخل مسرح
تقمّص دورين،
فبقدر ما هو
ذاك الميت
المحتاج إلى
دسّ في
التراب
تيمّنا بغراب
قصة القتل
الأولى
والنهل من
دروسه، هو
أيضا جلاّد،
أي الحرف،
قاتل ومقتول،
منتصر
ومنهزم، جسد
وروح، نور
ونار، هو
سرمدية
لمحاكاة
ينسجها
التضاد.
ومن هنا تجيء
قيمة الحرف
والاشتغال
على جزئياته
والتنابز
بمتتالية
العناصر
الملتحمة
بدورة أفلاكه.
نقرأ لأديب
كمال الدين
قوله: " من
بين جميع
الكائنات
اخترتُ
الطائرَ
ليعلّمني
الحكمة
قلتُ
له: أيّها
الطائر في
البرّيّة
علّمْنِي
الحكمة
قالَ:
سأعلّمكَ
الطَّيَرَان
قلتُ: لا
أستطيع،
ينقصني
الرّيش
قالَ:
إذن، سأعلّمك
كيف تجعل
يديكَ
ترفرفان
كجناحين
لتقترِبَ من
نفْسِكَ على
الأقل".
ويقول:
"يقولون إنَّ
البلادَ
جميلة
وهم يتناسون،
عن سابقِ
قصْد ٍ
وإصرار
ذكْرَ اسْمها
ومكانِها
وعنوانها
أو ذكْرَ
صنْدُوقِ
بريدِها
الملآنِ
بالوحوش".
ويقول أيضا:
" تؤلمني
الأغنية
وهي
تشيرُ بأصابع
مبتورةٍ
إلى
النَّجمةِ
المعلّقةِ في
الأعالي
فأتذكّرُ
نبْضي الذي
ماتَ في
شارعٍ
لا يؤدّي
إلاّ إلى
الخمرِ
والدَّمْع
وأتذكّرُ
ساعةَ يسمعَ
أن يسمعَ
رأسي
همهمةَ
الرِّيح
وأنظرُ إلى
البدرِ
قاسياً
في جمالٍ
عجيب
وإلى
النَّاسِ
أشباحاً
يتقافزون
من حائطِ
الذاكرة".
شعرية
الإشارة
ينحو الثلث
الأخير من
المجلّد هذا
المنحى راشقا
بمفردات
النبوءة
الصافية،
رافعاً مستوى
الشعرية إلى
أقصى درجات
الرمزية،
محاولا
اختزال
الأنساق في
بؤر الذات،
كأنه يحوز
بذلك وشاية
بمثل هذه
الانفلاتات
الهذيانية
الهاربة
بالمعنى إلى
رحاب
الكونية،
ومتملّصة من
لزوجة
الاستطرادات
الارتكاسية
المناوشة
لحواشي رغوة
الذات.
إنه فعل
إبداعي منهك
بركاكة
تفاصيل
الخرائطية
الفوقية
المبعدة عن
نواة النرجسي
الغائر، حين
تقتصر على
التقريري
والمباشر
فقط، لكن
ههنا يفعّلها
شاعرنا ويرقى
بها إلى
علياء
الترميزات
والاقترافات
الإشارية
والأساليب
النعتية
الجارفة بنبض
يقينيتها كلّ
مفض إلى فهم
حقيقي وشاف
للذاتية
والغيرية
والوجود
إجمالاً.
تلكم محاورة
الماهية
باعتماد
تقنية السهل
الممتنع، على
أساس صحّي
سليم ومفتوح
على عوالم
مؤهلات عقد
تصالح مع
الذات وشتى
ما يرتبط بها
من عناصر،
بدل جلدها،
أي هذه
الذات،
وتكبّد صور
الألم
الناجمة عن
حالات خنقها
عبر تيارات
النأي عن
مركزيتها
الضامنة
للتوازن
بمفهومه
الوجودي
الواسع.
بحيث يحيل
هذا الجزء
على طفرة
جمالية دامغة
بانسيابية
المعنى
الزئبقي في
أغوى مشاهد
الانجذاب إلى
بذور الأنوية
والغوص
نحوها، كضرب
من تقعيد
وتأصيل
للقواعد
الفلسفية
الناضحة
بلبوسها
الصوفي
المنكفئ على
غنائية
الفرادة في
تصوير الألم،
على شاكلة
تقبع من
خلالها الذات
المبدعة أقوى
وأقدر على
عكس الطاقة
الايجابية
أقصى ما يكون
في زرع شعرية
الغواية،
أقساطاً
مغازلة بخطاب
المصالحة في
شموليتها
واتكائها على
المشترك
الإنساني.
من الأجواء
المُلهِمة
بظلال مثل
هذه البياضات
الإشارية،
مترجمة
سيميائية
الانسكاب في
المركزية
الذاتية
نطالع قوله:
"إلهي
جننتُ
بعشقِها
ما اسْمها:
الحاء
ما اسمها:
الباء
ما
اسمها: الحاء
والباء
لكنّها كانتْ
مُحاطة
بالجمرِ
والنَّارِ
والدّموع
أعني بالجوع
والحرمان
والجنون
ولذا كتبتُ
عنها
هلْوَسَتي
الكبرى
بدلاً من
نشيدي العظيم".
مثلما قوله:
"وليلاً
أتمدّدُ في
المستطيل
فأجدهُ
مريحاً بعض
الشيء
فيُقالُ لي:
إنّهُ القبر
أرتبكُ
بعضَ الشيء
ثمَّ
أضخكُ ساخراً
ممّا يقولون
وأنامُ
سعيداً
بعينين
مفتوحتين
مليئتين
بالظَّلام".
وقوله كذلك:
"إلهي
الحرفُ
يُخفي نفْسهُ
فلا
يُظهرُ على
سرِّه أحداً
قد
يومضُ لي
حيناً
وقد يشتعلُ
بنورِكَ
حيناً آخر
فأُريدُ
البوح
فيُشيرُ
عليَّ بإصبعه
أن أصمت
وأن
أدخلَ حالاً
في
خيمةِ مَا لا
يُقال".
وإذن... ما
لا يُقال هو
الأشبه بخيوط
السراب، سراب
المعنى
المحمول على
رمزية نادرة،
تتحف لغة
ومُعجماً
وصورة
وإيقاعاً،
برشاقة
سريانها،
محتفلة
بمركزية
الذات،
ومُعولمة
للمنظومة
القيمية
الإنسانية،
موسعة لها،
حدّ أنسنة
الحرف في
حلّة وحلاوة
يقينيته
المتسربلة
بطقوس
التصوّف، عند
اشتعال
المعاناة
التي يصب في
محيط مرارتها
اختلاط
والتباس
هواجس
الإقامة في
منطقة بينية
تؤطّرها رؤى
الوعي
بالحياة
ممسوساً
بكابوسية
أحاسيس
المنفى.
إنها يقينية
ليس يُنضج
عناقيدها سوى
مذهب التصوف
الطابع
لنرجسية
مواجهة جمرة
المنفى
والحياة.
*************
الأعمال
الشعرية
الكاملة،
المجلد
الرابع: أديب
كمال الدين،
منشورات
ضفاف، بيروت،
لبنان 2018
أحمد
الشيخاوي:
شاعر وناقد
مغربي
|