كانَ يجلسُ في الغرفةِ المُجاورة
شابٌّ أنيقٌ بثيابٍ سُود،
ينظرُ إلى السقف
بعينين فارغتين من أيّ شيء،
ويضعُ على ركبتيه
كتاباً على هيئةِ حقيبة
أو حقيبةً على هيئةِ كتاب.
حينَ ناداني
دخلتُ مُرتبكاً
كجُثّةٍ تسقطُ في البحر.
قالَ بلغةٍ مُبهمةٍ كلاماً عجيباً
وأشارَ إلى الكتابِ: الحقيبة،
فنظرتُ، وجدتُ فيها إناءً مكسوراً
(كدتُ أغرق بسببه في النهر).
ووجدتُ حجراً
(ضربني به غجريٌّ فأصابَ قلبي).
ووجدتُ فيها شفتين تضحكان بآلافِ القُبَل.
ووجدتُ كؤوساً من العشبِ والطينِ والجمر،
وحذاءً من الخمر،
وصوراً وتماثيل لأفخاذِ نساء،
ودموعاً بهيئةِ لؤلؤٍ وحروف،
وقصائد بكتْ واشتكتْ وادّعتْ.
وأخيراً أخرجَ لي نقطةً حملتْ
ألوانَ الفجرِ والمغيب.
حَمَلها بيده الصفراء المُرتجفة
دونَ أن ينبسَ ببنتِ شفة.
2.
مددتُ يدي لآخذَ النقطة
أعني الإناءَ، الحجر
الشفتين، الجمر
الكؤوسَ أو الأفخاذ
الحروفَ أو الدموع.
لم تصلْ يدي إلى أيّ شيء،
ولم يعطني الشابُ أيّ شيء.
كانَ ينظرُ إليّ بعينين فارغتين من أيّ شيء
وأنا أذوبُ من الخوف،
وأنا أنظرُ إلى النقطة
مدهوشاً بألوانِ الفجرِ والغروبِ فيها
كجثّةٍ تُلقى في البحر.
|