1.
اقلب
المائدة
وحطّم
الكؤوس
فلقد
قُتِلَ حارسُكَ أيّهذا الفنار!
حارسُكَ الذي أنفقَ سبعين عاماً
جالساً تحتَ عرشِكَ الوهميّ
وفوقَ
ساحلِكَ الوهميّ
يرقبُ
السفنَ وهي تغرق
أو
تتيهُ في الأزرقِ اللانهائيّ
ويرقبُ الموتى وهم يراجعون
لوائحَ أسمائهم
في
جهنّم باسمين يرتعدون
أو في
الجنّةِ واجمين لا ينطقون.
نعم،
قُتِلَ حارسُكَ الذي اعتزل
كلَّ
شيء مضى
وكلَّ
شيء أتى
لينجو
بجلده في بلادِ السواد.
وما
عرفَ أنّه سَيُذبَحُ يوماً
ذبح
الخرافِ بأرضِ السواد.
2.
ما
قتلته النفْسُ التي سماؤها الشهوات
ولا
تلك التي سماؤها الكراسي والسياط
بل
قتلته النفْسُ التي سماؤها الدينار
وخرجتْ من مسرحِ جُثّته
بحفنةِ دنانير
لونها
الدم
وأحداقها الدم.
فاقلب
الكراسي والمائدة
أيّهذا الفنار
وحطّم
الكؤوس
على
مسرحِ النفوس.
فلقد
ذهبَ الذي اعتزلَ وما نجا
والذي
أنفقَ العمرَ كلّه
يخدمُ
الحرفَ كلّه
ويبسملُهُ كلّ ليلة
بالياءِ والسين.
ذهبَ
بعدَ أن رقص
معَ
الزائر المجهول
عارياً كنبيّ
عارياً يحملُ بيديه الضعيفتين
رأسَه
المقطوع!
******************************
*
محمود البريكان - لمن لا يعرفه - شاعر عراقي
كبير من جيل السيّاب والبيّاتي. اعتزل الدنيا
بما فيها ليكتب رائعته: (حارس الفنار) وفيها
يتأمّل العالم منتظراً الزائر المجهول.
وما
عرف أنّ هذا الزائر- وا خجلتاه- سيكون لصّاً
يذبحه من أجل حفنة دنانير!
|