درس
الفرات
********
بعد أنْ
لعبنا معاً
ورقصنا
معاً
وأطلقتُ
نقطةَ القلبِ فيه لأوّل مرّة،
بعد أنْ
غرقنا معاً
وسكرنا
معاً
وسفحنا
دمنا الزكيّ معاً
وضعنا
معاً
مثل طفلين
يتيمين في السوق،
قال لي
الفرات
في لحظةِ
صدقٍ عجيبة:
انجُ
بنفسك!
ففائي
أكذوبةٌ
ورائي
محضُ خيال.
رغم أنّ
تائي طويلة،
أطول من
سفينةِ نوح!
قالَ لي:
انجُ بنفسك!
فلم تعدْ
هناك
فوق مائي
الذي يمتدُّ من أقصى الخرافة
إلى أقصى
الغيمة،
ومن أقصى
الشمس
إلى أقصى
الحرف،
لم تعدْ
هناك – صدّقني- أيُّ سفينة!
ولم يعدْ
هناك – واأسفاه- أيُّ نوح!
درس
الطائر
********
من بين
جميع الكائنات
اخترتُ
الطائرَ ليعلّمني الحكمة.
قلتُ له:
أيّها الطائر في البرّيّة
علّمْني
الحكمة!
قال:
سأعلّمكَ الطيران.
قلتُ: لا
أستطيع، ينقصني الريش.
قال: إذن،
سأعلّمك
كيف تجعل
يديكَ ترفرفان
كجناحين
لتقتربَ من نفْسِكَ على
الأقل!
درس
كلكامش
*********
في
السابعةِ من عمري
أضعتُ
دراهمي السبعة
وأنا
أنظرُ إلى تمثاله الواقف
عند باب
المتحفِ العراقيّ
وهو يرعى
لحيته الطويلة.
وفي
السبعين من عمري
أضعتُ
سبعين عاماً من عمري
وأنا
أنظرُ إلى تمثاله الواقف
عند باب
المتحفِ العراقيّ
وهو يرعى
خيبته الكبرى!
درس
النسيان
*********
حينَ
ركبتُ غيمةَ شبابي
جاءَ مَن
يسألني أنْ أبيعها له.
وحينَ
رفضتُ بقوّة
جاءت
الريحُ فدفعت الغيمةَ مِن
تحتي
لأسقطَ
إلى الأرض،
لأسقطَ
كلّ يوم
دونَ أنْ
أكفّ عن هذا الدرس.
أعني أنْ
أكفّ عن تذكّرِ هذا الدرس
المخيف،
الدرس
العصيّ على نفْسه
وعليَّ
وعلى
النسيان!
درس
النون
*********
كلُّ مَن
تكتبُ في النون
أو تُسمّى
بها
ستركبُ
مركبَ القسوةِ ذات يوم
من ميناء
قلبي إلى بحرِ هلاكي.
حتّى تلك
التي تماهتْ مع النون
ورسمتْ
لها لوحةً من الشمسِ والماء،
لوّحتْ
لي، دونما نقطةٍ أو سبب
وهي تركبُ
مركبَ الليل،
بسيفِ
القطيعة
ودرعِ
الجفاء!
درس
الوهم
*********
سألني
الطبيبُ بعد أن أعيتْه حالتي:
هل أنتَ
مصابٌ بمرضٍ ما؟
قلتُ:
نعم، أنا مصابٌ بمرضِ الشعِر!
قال: لم
أسمعْ بأعراضه مِن قبل!
قلتُ:
إنّه مرض الوهم:
مرضٌ
يجعلني أفكّرُ ليلَ نهار
أنْ أعيدَ
ترتيبَ ذاكرة الماضي
لأجعل
حرفي ملكاً سعيداً
وهو
المشرّد المنفيّ،
وأجعل
نقطتي بهيجةً
وهي
الضائعة أبداً!
|