1.
لأربعين عاماً
كنتُ أشكو لواعجَ روحي
وارتباكَها الأزليّ
إلى أغنياتِكِ المُزهرةِ بالشوقِ
والأنين
إلى صوتِكِ الذي تحفُّ به
ملائكةٌ من الدمعِ والياسمين
إلى نيلكِ وشمسِ أصيله الغامضة.
2.
لأربعين عاماً
كنتُ أشكو إليكِ
- دونَ أن أدري أو لا أدري-
حبيباتي الجاحداتِ والساذجاتِ
والخائنات
وسنواتي التي أنفقتُها
بكرمٍ حاتميّ
على حروبِ الطغاة،
أعني على الموت
وظلماته وشموسه الساطعات.
3.
لأربعين عاماً
كنتُ أراقصُ صوتَكِ
حتّى صرتُ ساحراً من الحرف
ثُمَّ صرتُ حرفاً من السِّحر.
أعني صرتُ نقطةً من الشوق
ثُمَّ صرتُ منارةَ شوق.
واكتملتْ طلاسمي ورسالتي
حينَ تبعتُ أثرَ صوتِكِ
من صبا إلى صبا
ومن شبابٍ إلى شباب
ومن لوعةٍ إلى لوعة
ومن هوى إلى هوى
ومن شبّاكٍ إلى شبّاك
ومن رصيفٍ إلى رصيف
ومن شظيّةِ وطنٍ إلى دخان وطن.
4.
حينَ أخبروني أنّكِ قد متِّ
بكيتُ عليكِ بدمعتين
ثُمَّ تركتُ سريرَ الحزنِ خفيفاً
لأتبع أثرَ صوتِكِ من جديد،
صوتكِ الذي تحفُّ به ملائكةُ
الضائعين
إلى المنافي السحيقة:
حيث تنعدمُ الأسئلةُ والأجوبة،
حيث يلعبُ الغيمُ والبحر
والجسدُ والذهب
لعبةَ الصواعقِ والعبثِ والزلزلة
كلّ يوم.
إلى المنافي السعيدة
حيث الموت الذي لا يعرفُهُ أحد
ولا يسألُ عنهُ أحد،
أعني إلى المنافي السعيدةِ التي
ترى الموت
لوحةً معلّقةً فوقَ جدارٍ قديم!
|