1.
لماذا تركتهم يلقونني
في البئر؟
لماذا تركتهم يمزّقون
قميصي؟
لماذا تركتهم يكذبون،
وأنتَ تعرفُ أنّهم
يكذبون؟
أعرفُ أنكَ كنتَ شيخاً
جليلاً
وأنّهم - وا خجلتاه -
استغلّوا
ضعفكَ البشريّ
وبياضَ لحيتِك
ودقّةَ عظمِك.
أعرفُ هذا
وأعرفُ أنّهم تركوني
إلى الموت
قابَ قوسين أو أدنى
وأنّ الذئبَ كانَ أرحم
من أراجيفهم.
لكنّني كنتُ ضعيفاً.
أصدقكَ القول
لم أستطعْ أن أقاومَ
سحرَ لثغتها
ولا أنوثتها الطاغية
فسقطتُ في البئر
وصحتُ: انتشلْني
يا مَن كُتِبَ عليه ما
قد كُتِب
من عذابٍ عجيب.
صحتُ: سلاماً
إنّني أهوي إلى القاع.
فهل سقطتْ دمعتُك
من بؤبؤ الحزنِ حتّى
تراني؟
أصدقكَ القول
إنّني لم أعدْ بعد.
إنّني أحلمُ أن أعودَ
إليك
لأبكي على صدرِكَ
الطيّب
وأصيحُ : أبي يا أبي
أيّها البعيد كهلالِ
العيد
والقريب كهلالِ العيد
أريدُ أن أراك
لآخر مرّة.
قالَ إخوتي: إنكَ متّ.
لكنّهم - كما
تعرف - يجيدون فنَّ الكذب
ولم يسلمْ حتّى الذئب
من أكاذيبهم.
لكنّهم صدقوا هذه
المرّة
فأنتَ متّ بين يديّ
وكنّا وحيدين
في غرفةِ صباي
وشيخوختك،
أعني صباي المُلوّن
بالحرمان
وشيخوختك المُعطّرة
بالألم.
كنّا وحيدين.
2.
كنّا وحيدين
حينَ متَّ بين يديّ.
لم تقلْ شيئاً.
لم تقلْ أيَّ شيء.
لماذا لم تقلْ أيَّ
شيء؟
لم أقلْ لكَ أيَّ شيء.
لماذا لم أقلْ لكَ
أيَّ شيء؟
لم نقلْ أيَّ شيء.
لماذا لم نقلْ أيَّ
شيء؟
وكنتُ قربكَ ألبسُ
قميصي المُمزّق،
القميص الذي لبستُه
طوال عمري
حزناً عليك.
إذنْ، لماذا تركتَهم
هكذا
يرقصون طرباً من لذّةِ
الحقدِ والانتقام؟
لماذا كنتَ ضعيفاً إلى
درجةِ الوهم؟
لماذا كنتَ طيّباً
كطيبةِ دمعتِكَ
الطاهرة؟
ولماذا أورثتني
دمعتَكَ الطاهرة
يا أبي؟
|